الأحد، 8 فبراير 2015

اضاعة المال واتلافه


وذكر ابن الملقن أن امرأة كانت تخدم الجنيد قالت :

" جئت يوماً إلى النوري , كان يوماً شديد البرد والريح , فوجدته في المسجد وحده جالساً , فأمرني بإحضار خبز ولبن , فأحضرته . وكان بين يديه قصعة فيها فحم , فقلّبه بيده وهو مشتعل , ثم أخذ الخبز واللبن , فجعل اللبن يسيل على يديه , وفيها سواد الفحم , فقلت : يا ربّ , ما أقذر أولياء , ما فيهم أحد نظيف .

قالت : ثم خرجت من عنده , فتعلقت بي امرأة وقالت : سرقت رزمة ثياب , وجرّوني إلى الشرطي , فأخبرني النوري بذلك , فخرج وقال : لا تتعرض لها , فإنها ولية , فقال الشرطي : كيف أصنع المرأة تدّعي ذلك ؟

قالت : فجاءت جارية ومعها الرزمة المطلوبة . وأنطلق النوري بزيتونة , وقال لها : تقولين بعد هذا : يا رب ما أقذر أولياءك ؟ فقالت : تبت [1] .

فالمعنى أنه لا يحق لأحد أن يتعرض على قذارة الصوفية ونجاستهم , ولا يجوز أن ينصح أحد هؤلاء المنتنين المتشبهين باليهود الأقذار المهتمين بوضع الكلاب والقطط الميتة في مساكنهم , لا ينصحهم أحد باعتناء النظافة والطهارة , وإلاّ فيصيبهم عقاب من عند الله وعذاب أليم .


وأما الصوفية فيروون عن الشبلي أنه ألقى بأربعة آلاف دينار جملة في دجلة , فقالوا له : ما تفعل ؟

قال : الحجر أولى بالماء , قالوا : لم لا تعطيها للخلق ؟

قال : سبحان الله , بم أحتجّ إلى الله في أني رفعت الحجاب عن قلبي , وجعلته على قلوب أخوتي المسلمين [2] .

وروى الطوسي عن الحسين النوري أنه حمل إليه ثلثمائة دينار , قد باعوا عقاراً له , فجلس على قنطرة الصراط وهو يحذف بواحد منها إلى الماء , ويقول :

سيدي تريد أن تخدعني بهذا ؟ [3] .

ومن الحكايات في هذا المعنى ما ذكرها النفزي الرندي عن أبي عبد الله الرازي أنه قال :

كساني ابن الأنباري صوفاً , ورأيت على رأس الشبلي قلنسوة ظريفة تليق بذلك الصوف , فتمنيت في نفسي أن يكونا جميعاً لي , فلما قام الشبلي من مجلسه التفت إليّ , فتبعته وكان من عاداته إذا أراد أن أتبعه أن يلتفت إليّ .

فلما دخل داره دخلت , فقال : أنزع الصوف , فنزعه , فلفّه , وطرح عليه القلنسوة , ودعا بنار فأحرقهما [4] .

وعلى ذلك ذكر عنه الشعراني أنه كان إذا أعجبه شيء من ثيابه يذهب إلى التنور فيحرقه , فيقال له : هلاّ تصدقت به ؟

فيقول : ما أشغل قلبي كذلك يشغل قلب غيري [5] .

وقال الطوسي :

" دخل بعضهم عليه فرأى بين يديه اللوز والسكر وهو يحرقهما بالنار " [6] .

هذا ومثل هذا كثير .



هذا وأن هناك مخالفة أخرى لنص الشريعة الإسلامية , يرتكبها الصوفية , وهي : إضاعة المال وإتلافه , وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال :

( إن الله كره لكم قيل وقال , وكثرة السؤال , وإضاعة المال ) [7] .



[1] طبقات الأولياء لابن الملقن ص 66 .
[2] كشف المحجوب للهجويري ص 462 .
[3] كتاب اللمع للطوسي ص 257 .
[4] غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج2 ص 99 .
[5] الأنوار القدسية للشعراني ج 1 ص 90 , أيضاً الطبقات الكبرى له ج 1 ص 104 .
[6] كتاب اللمع للطوسي ص 483 .
[7] متفق عليه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.