وهناك
اسم الله الأعظم ذكره أبو العباس أحمد بن علي البوني المتوفى 622 هـ , وبيّن طريقة
استعماله , وفيها ألفاظ وكلمات ليس لها معنى ومفهوم , لا ينطق بها أحد من الناس ,
فلا ندري هي لغة الجن أو لغة السحر والكهانة يستخدمها الصوفية للتقرب إلى الله عز
وجل – وعياذاً بالله من هذا الهذيان – فيقول البوني :
"
اسم الله الأعظم الذي لا يوفق لاستعماله إلا من سبقت له العناية هو الله وله من
الحروف ج ب أ و وللجيم جينج أسم هوائي والباء بكمد أسم ترابي وللألف أهلل أسم ناري
وللواو وكيل أسم مائي : وكيفية الذكر بهذه الأسماء أن تتلو في الثلث الأخير من
الليل هذه الأسماء الأربعة ستة آلاف وستمائة وستاً وستين مرة ثم ركعتين وبعد
السلام تقرأ ( الله نور السموات والأرض ) الآية سبعين مرة وتقول أستغفر الله
العظيم سبعين مرة وتذكر البسملة سبعمائة وستاً وثمانين مرة ثم تقول اللهم صل على سيدنا
محمد وعلى آله وسلم مائة واثنين وثلاثين مرة وتقول الله الجليل القديم الأزلي
أربعمائة وثمانياً وثمانين مرة ثم بعد صلاة الصبح تستغفر الله سبعين مرة وتذكر
البسملة سبعين مرة وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة ثم تقول :
اللهم
أهلل بكمد جينج وكيل الله يامور شطيئاً ياطهوج يا مبططروش أجب يازهزيائيل وأنت يا
أهدكيل بحق الهاء الدائرة , اللهم يا من هو أحون قاف آدم حم هاء آمين سبعين مرة ونكتب هذا الخاتم
وقت شروق الشمس , وهذه صفته :

وتحمله
معك , ثم إذا عرض لك أمر وأردت قضاءه فاكتب الخاتم , وأدخل مقصودك في الخانة
الخيالية منه , ثم قل عليه : يا جنيح يابكمد يا أهلل يا وكيل 6666 مرة فإنك تجاب
في أسرع وقت " [1]
.
وأيضاً
الوظيفة التي ذكرها لقضاء المهمات وتسيير الأمور , وهذه ألفاظها :
"
اللهم إني أسألك بعظيم قديم كريم مكنون مخزون أسمائك وبأنواع أجناس رقوم نقوش
أنوارك , وبعزيز إعزاز عز عزتك , وبحول طول جول شديد قوتك , وبقدرة مقدار اقتدار
قدرتك , وبتأييد تحميد وتمجيد عظمتك , وبسمو نمو علو رفعتك , وبقيوم ديوم دوام
أبديتك , وبرضوان غفران آل مغفرتك , وبرفيع بديع منبع سلطانك وبصلات سعات بساط
رحمتك , وبلوامع بوارق صواعق عجيج وهيج بهيج رهيج نور ذاتك , وببهر جهر قهر ميمون
ارتباط وحدانيتك , وبهدير تيار أمواج بحرك المحيط بملكوتك , وباتساع انفساح ميادين
برازيخ كرسيك , وبهيكليات علويات روحانيات أملاك عرشك , وبأملاك الروحانيين
المدبرين لكواكب أفلاك , وبحنين أنين تسكين المريدين لقربك وبحرقات زفرات خضعات
الخائفين من سطوتك , وآمال ؟ أقوال المجتهدين في مرضاتك وبتحمد تمجد تهجد تجلد
العابدين على طاعتك يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا قديم يا مغيث أطمس بطلسم
" [2] .
وقد
ذكر الشيخ علي بن محمد الطندتائي في رسالته وظيفة محتوية على كلمات غريبة على
اللغة العربية , وصّور شخصين , وكتب عليهما أحرفاً ورموزاً لا معنى لها , نثبت هنا
كل ذلك فيقول :
"
وإذا أردت جلب الهارب والسارق فقصّ شخصين من ورق وأكتب على شخص المطلوب هكذا :
أبارخ
2 يورخ انوش 2 صورخ بارخ 3 باروخ 2
كر
25 255
ا
ن و س ل ك ق د و ج ب

وعلى
شخص الطلب هكذا :

جالوش
عبروش عراش جواش هيهوش
فهروش
شلموش يعروش يعروش يعوش
د ف
ر
أ 85
255
ثم
أجعل وجه الطالب على وجه المطلوب وعلقهما في سيبة وأقرأ عليهما هذه الأسماء .
أيه بقطريال جليش دميال هططوش وهيم
زنقطا حداية طغيال 45 مرة ثم العهد القديم 7 مرات , فإن أحسست بثقل في عضو من
أعضائك فهي علامة الإجابة وإلا فكرر سبعة ثانياً أو ثالثة وهكذا إلى تمام 49 مرة
فإن المقصود يتم لا محالة بإذن الله تعالى والبخور لبان ذكر وكزبرة وجماجم تمر حنا
" [3] .
اخترع الصوفية هذه الألفاظ الغريبة
وزعموا أن للحروف أسرارا ورموزاً وإضمارات وطبائع وإشارات , متأثرين في ذلك
بالعلوم السحرية الطلسمية فيها كفر وضلال , وقال تعالى : ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ
السِّحْرَ ﴾
[4] .
والصوفية اشتغلوا بترديد الكلمات
السحرية الكفرية على ألسنتهم وألفوا في
ذلك كتباً ورسائل ذكروا فيها أسرار الحروف ورموزها , فنثبت هنا الجدول الذي هو
أساس للأوراد الصوفية ووظائفهم :
" أول الحروف حرف الألف وخادمه
الرئيس الأكبر رئيس ملائكة الحروف :
هَطْمَهْطَلْقِيائيل و إضماره
هَدْهَيُون شَلْهَميدٍ طَمْخَلَلَشٍ بُهْلَميْلَخٍ .
حرف الباء وخادمه الملك جَرَمْهَيَائيل
وإضماره كَشَمْشَخٍ هَيْلَخٍٍ مَهَلْشَطٍ .
حرف الجيم وخادمه الملك طلقطيائيل
وإضماره هَدْمَخٍ هَلَشْلخَخٍ .
حرف الدال وخادمه الملك سكمهيائيل
وإضماره هَلْطَفٍ مَهْللخٍ شَوييدٍ شئلْطَطٍ .
حرف الهاء وخادمه الملك
عَفْرَيائيل وإضماره ذَبْحطٍ هَمَكِيكٍ
هَشْطيطعٍ .
حرف الواو وخادمه الملك طُونَيائيل وإضماره
مَهْدَدُوةٍ شَلْتَمُوخٍ بَرَاخٍ .
حرف الزاي وخادمه الملك عَلمَشيائيل
وإضماره مَعَدرْشٍ هَطَاطِمٍ مَهَطٍ .
حرف الحاء وخادمه الملك طَفيائيل
وإضماره دَهْلِيخٍ كَمشَلاطَخٍ .
حرف الطاء وخادمه الملك عَصْطيائيل
وإضماره شَمْهَطٍ مَبلْشَخٍ مَلْخشٍ طمهٍ .ٍ
حرف الياء وخادمه الملك هَرْدَقيلٍ
وإضماره دَمْغيغ هَلهَفٍ شُوييدخٍ .
حرف الكاف وخادمه الملك شَمْهَائيل
وإضماره شَفْرُودٍ هَمِيطا خَطشٍ .
حرف اللام وخادمه الملك طَهْطَيائيل وإضماره غَغِيطٍ طَهْمَشٍ خلشَدَمٍ
.
حرف الميم وخادمه الملك شَرَاخيل
وإضماره حَجَمُشَطٍ كَلِتْياطٍ مَدْمَخٍ .
حرف النون وخادمه الملك صَعْرِيائيل
وإضماره شَغيغٍ دَلْحمٍ بَهِيط .
حرف السين وخادمه الملك هَطْغِيل
وإضماره مَسْطَعٍ عَطْلَدٍ خييمٍ عَلْطلٍ .
حرف العين وخادمه الملك شَرْهِيل
وإضماره لخطَمٍ غَدِيفٍ أرْزَدٍ .
حرف الفاء وخادمه الملك شطاطيلٍ وإضماره
كَبْطَمٍ رَزْطَشٍ هَخَيطٍ .
حرف الصاد وخادمه الملك هَرْدَبالٍ
وإضماره شَرُوخٍ هَمْشٍ .
حرف القاف وخادمه الملك عَزْقيل وإضماره
غَدْغَصٍ طَلْحِياش .
حرف الراء وخادمه الملك دَهْرَابيل
وإضماره عَللْطَفٍ عَلْميخٍ دَبْعومٍ .
حرف الشين وخادمه الملك خَرْدٍيائيل
وإضماره شَظيفٍ كَهْييلٍ .
حرف الخاء وخادمه الملك خَمْليل وإضماره
عَمُطْيارٍ واكِشٍ راكِشٍ دَهوطٍ .
حرف الذال وخادمه الملك رَفَعَيائيل
وإضماره عَلَلمَهَصٍ صَهْدعٍ شَهْلَطٍ .
حرف الضاد وخادمه الملك رَفَعَيائيل
وإضماره يوخٍ روخٍ أموشٍ طَمْلَشيطٍ عَبْصوعٍ .
حرف الظاء وخادمه الملك طَرْخَبائيل
وإضماره هَمْيَطُيواشٍ مَعَدٍ مَشَطٍ .
حرف الغين وخادمه الملك سَلْكفيل
وإضماره أشْعطلفٍ هيوطٍ شَطَطَفٍ كَلكَففَ " [5] .
كما أنهم وضعوا وظائف مختلفة للتأليف
والتفريق وقضاء حوائج الناس وما يحتاج إليه الإنسان في كل وقت , وللتسخير , وإلقاء
البغضاء والفرقة , وخراب الأمكنة والدور , وتسليط العذاب على الأعداء , وجلب
الغائب , وتغييب الحاضر وغيرها من الأمور السحرية الطلسمية , فتعاهدوا الأربعينات
وغيرها , واعتزلوا في الخلوات والجبال للحصول على أسرار الحروف , ولتسخير الأرواح
والملائكة , فيقول الشيخ محمد الشافعي الخلوتي :
" إذا أردت ألفة بين أثنين مثلاً
أو فرقة أو غير ذلك فابدأ بعون الله باسم ملك أرضي ثم المطلوب ثم الطالب أجرفاً
متفرقة . . . وأعلم أن ذلك الملك يصير ملازماً لذلك الشخص مشتحوذاً عليه لا يفارقه
أبداً من محبة وعقد شهوة ومرض عضو مخصوص وابطاله , ولو وكلته بنقل الجبال لنقلها ,
وبالبحار لنسفها فإنه عمل صحيح معمول به لا يتغير ولا يتبدل ... .
ثم يقول بعد ذكره : إني كشفت لك السر
المكتوم عن كثير من الناس لا يصل إليه إلا آحاد العلماء الراسخون وأفراد الحكماء
الحاذقون " [6]
.
وأما علي أبو حي الله المرزوقي صاحب
" الجواهر اللماعة " فأيضاً أورد في كتابه أوراداً نادى فيها أسماء لم
ينزل الله بها من سلطان , فطلب منها قضاء الحاجة والشفاء والنصر وغيرها , فيقول :
" تصوم لله سبعة أيام برياضة تامة
. . . وتقول : اللهم إني أسألك يا لهويش ويا طهبوش ويا يوش ويا فهليوش أسألك اللهم
بحق هذه الأسماء والأسرار التي ألقيتها في قلب نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
وكسيته من جلال لطفك وهديته بطهارة قدسك أن تسخر لي روحانية خدام أسمك اللطيف
المبارك العلوية والسلفية يكونون عوناً لي على ما أريد وهو كذا وكذا , أجب يا عبد
اللطيف وأنت يا شعاع يا شعضوض بحق ما تعرفونه من سرّ هذا الاسم اللطيف وشريف علمه
الأعظم وذكر جلاله : وأذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان
لطيفاً خبيرا , أقضوا حاجتي وامتثلوا مرضاتي وأسعفوني بالطاعة لخدمة الله والرسول
وأئتوني من مال الله الذي مع خلق الله , بحقك يا الله يا لطيف إني أسألك بلام لطفك
وطاء طولك وياء يقظتك وفاء فردانيتك أسألك أن تسخر لي سرّاً من سرّك ونوراً من
نورك ولطفاً من لطفك وهيبة من هيبتك تسخر لي بها جميع خلقك وتخضع لي قلوبهم
بالألفة والمودة وتودع في قلوبهم محبتي سراً ونوراً وبهجة , أجب يا عبد اللطيف ويا
عبد الطالب ويا عبد البارئ ويا عبد الفتاح ويا شعاع ويا نور ويا صالح ويا شعضوض
ويا حفيال " [7]
.
فهل هذه هي الأوراد والوظائف التي قالوا
فيها :
" حكم أوراد السلف حكم الفرائض
لأنها فرائض بالإلتزام والعهود والنذور فيجب إعادتها كالفريضة " [8] .
هذا وذكر أحمد الرفاعي في مجالسه
أوراداً وأدعية فيها كلمات فلسفية مغلقة مثل :
" يا كافي المهمات , يا رب الأرض
والسموات أسألك بالحقيقة المحمدية وبما انطوى في مضمونها من عظائم الأسرار
الربانية بالميم المتدالي ببحبوحة مرج البحرين يلتقيان مادة المظاهر الطالعة
والمشارق اللامعة ميزاب الفيوضات الهاطلة منبع العوارف المتواصلة , ماهية المعرفة
المطلوبة محراب جامع البداية الإبداعية , منبر بيت النهاية الإمكانية .
وأسألك اللهم بحاء الحسن الأعم والحمد
الأتم حد النهايات الصاعدة في أدراج السمو الملكوتي حيطة الغايات المتقبلة على
بساط الإحسان الرحموتي .
وأسألك اللهم بميم المدد المعقود على
مجمل أسرار الوجود . . . أسألك اللهم بالنور اللامع والقمر الساطع والبدر الطالع
والفيض الهامع والمدد الواسع نقطة مركز الباء الدائرة الأولية وسر أسرار الألف
القطبانية – إلى آخر الهذيان " [9] .
وعبد السلام الأسمر الفيتوري أيضاً قد
حشد كتابه بوظائف وأحزاب موضوعة , وسماها بالحزب الكبير وحزب الخوف وحزب الفلاح
ووظيفة الحضرة , ثم قال بعد ذكر هذه الأحزاب :
" إخواني , فعليكم بحفظ هذه
الأحزاب وتلاوتها على الدوام إن قدرتم . إخواني , والصواب أن تقرؤها جماعة في كل
يوم بعد صلاة العصر استحباباً , وقد جرى الأمر والعمل بذلك على أيدي المتصوفة
وصالحي الأمة كالشاذلي وتلامذته وغيرهم " [10] .
ولكل طائفة أذكار وأوراد مختصة بها ,
ستذكر نبذة منها عند بيان الطرق الصوفية أن شاء الله في كتاب مستقل , و نكتفي بهذا
القدر من نماذج الذكر الصوفي ونعرض الجانب عن الكثير الكثير الذي هو منثور في
كتبهم ومؤلفاتهم .
هذا وإن الصوفية يدّعون أحياناَ أن هذه
الأذكار والأوراد والوظائف والأحزاب قد تعلّموها من عليّ رضي الله عنه كما ذكر ذلك
الجعلي الفضلي عن حسن بن حسونة أنه قال :
" اختليت في باعوضة للذكر والعبادة
فجاءني عليّ فلقنني الذكر " [11] .
وأحياناً فيي يدّعون تلقّنها من الخضر
كما يحكي شهاب الدين الشرجي اليمني عن
بعضهم أنه " حصل له عطش شديد في بعض المفاوز , قال : حتى خفت التلف , فقعدت
مستعداً للموت فغلبتني عيني وأنا جالس , فقال قائل : قل يا لطيفاً بخلقه , يا
عليماً بخلقه ! يا خبيراً بخلقه ! ألطف بي يا لطيف يا عليم ! يا خبير , ثلاث مرات
, وهذه تحفة الأبد , فإذا لحقتك ضائقة أو نزلت بك نازلة فقلها تكفي وتشفي , فقلت :
من أنت ؟ قال : أنا الخضر " [12] .
ونقل الهجويري عن إبراهيم بن آدم أنه
قال :
" كان الحق تعالى يبعث إليّ بالرزق
عند الحاجة دون عناء , وأنفق لي في ذلك الوقت صحبة الخضر عليه السلام , وعلمني اسم
الله الأعظم " [13] .
ويحكي الشعراني عن أحمد بن أبي الحواري
أنه كان يقول :
" علّمني الخضر عليه السلام رقية
للوجع , فقال : إذا أصابك وجع فضع يدك على الموضع وقل : " وبالحق أنزلنا
وبالحق نزل " , فلم أزل أقولهما على الوجع فيذهب بساعته " [14] .
والدباغ أيضاً نقل حكاية عن بعض الصوفية
أنه قال :
" وبقيت عند قبر شيخي إلى الليل
وأنا أبكي من حبّه ووحشة فراقه , ثم بتّ على قبره والحال يتزايد إلى أن طلع الفجر
, فجاءني سيدنا الخضر عليه السلام فلقنني الذكر " [15] .
وأحياناً يخرّفون بأنهم أخذوها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم كحزب أبي الحسن الشاذلي , الذي سماه بحزب البحر , وكلماته
" رب سهل ويسر ولا تعسر علينا يا ميسر كل عسير بحق أ ب ت ث ......... هـ و لا
ي .... بسم الله بابنا , تبارك حيطاننا , يس سقفنا , كهيعص كفايتنا , حمعسق
حمايتنا , ستر العرش مسبول علينا إلخ " [16] .
فيقولون في هذا الحزب أنه " لما
اعترض الفقهاء على حزب الشاذلي المسمى بحزب البحر , قال الشيخ :
" والله لقد أخذته من رسول الله
صلى الله عليه وسلم حرفاً بحرف " [17] .
وأحياناً يهذون أنهم تعلّموها من بعض
الطيور كما يحكى الصفوري عن بعضهم أنه قال : " كنت أسيراً في قسطنطينية بلاد
الروم فنذرت إذا خلصني الله أن أحج ماشياً فجاءني طائر إلى حائط السجن وقال اللهم
إني أسألك يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا تصفه الواصفون ولا تغيره
الحوادث والدهور يا من يعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وما أظلم عليه الليل
وأشرق عليه النهار يا من يعلم عدد قطر الأمطار وورق الأشجار ولا تواري عنه سماء
سماء ولا أرض أرضاً ولا جبال ما في وعرها ولا بحار ما في قعرها أنت الذي سجد لك
سواد الليل و ضوء النهار ونور القمر وشعاع الشمس ودوي الماء وحفيف الأشجار وأنت
الذي نجيت نوحاً من الغرق وغفرت لداود ذنبه وكشفت الضر عن أيوب ورددت موسى إلى أمه
وصرفت عن يوسف السوء والفحشاء وأنت الذي فلقت البحر لموسى حي ن ضربه لبني إسرائيل
بعصاه فكان كل فرق كالطود العظيم حتى مشى عليه موسى وشيعته وأنت الذي جعلت النار على
إبراهيم برداً وسلاماً وأنت الذي صرفت قلوب سحرة فرعون إلى الإيمان بنبوة موسى يا
شفيق يا رفيق يا جالي الضيق يا ركني الوثيق يا مولاي الحقيق خلصني من كل كرب وضيق
ولا تحملني ما لا أطيق أنت منقذ الغرقى ومنجي الهلكى وجليس كل غريب وأنيس كل وحيد
ومغيث كل مستغيث فرج عن الساعة الساعة فلا صبر لي على حلمك لا إله إلا أنت ليس
كمثلك شيء وأنت على كل شيء قدير فلما دعا به في الليلة الثانية أرسل الله ملكاً
فحمله إلى منزله فحج من سنته ما شياً فحدث به رجلاً فقال له من أين لك هذا الدعاء
قال حفظته من طائر بقسطنطينية ببلاد الروم فقال حدثني أبي عن جدي عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه دعاء الفرج " [18] .
وأما كيفية تلقين الذكر فذكرها أيضاً
كثير من الصوفية في كتبهم , ننقلها عن عبد الغني الرافعي , فيقول :
" وكيفية تلقين الذكر أن يضع الشيخ
يده اليمنى في يد المريد اليمني بعد طهارة كل منهما ويجعل راحة كفه على راحته
ويقبض إبهامه ويقول له غمض عينيك وأستغفر الله ثلاثاً ثم يقرأ الشيخ قوله تعالى يا
أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً إلى قدير وإن الذين يبايعونك الله
عظيماً وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم الآية ثم يطرق رأسه ويدعو سراً للمريد بنحو
اللهم أعنه وأحفظه وتقبل منه وأفتح عليه باب كل خير كما فتحته على أنبيائك
وأوليائك اللهم فرغنا لما خلقتنا له ولا تشغلنا بما تكفلت لنا به ولا تحرمنا ونحن
نسألك ولا تعذبنا ونحن نستغفرك برحمتك يا أرحم الراحمين ثم يقول وكل منهما غاض
بصره اسمع مني الذكر ثلاث مرات وقله بعدي ثلاثاً وأنا أسمع منك ثم يستأذن الشيخ
بقوله دستور يا رسول الله دستور يا أهل الطريق دستور يا أستاذ الأذن لي بتلقين
الذكر ويطلب بقلبه المدد من أهل السلسلة وذلك بعد أن يكون قدم قراءة الفاتحة له
صلى الله عليه وسلم وفاتحة ثانية لأهل السلسلة وفاتحة ثالثة لقطب الكون والأولياء
جميعاً عندما يجلس المريد بين يديه " [19] .
وأما اللغة السحرية الطلسمية التي
يستعملها الصوفية في وضع الأذكار والأوراد , فيدّعي الصوفية عنها أنها لغة
الملائكة والأرواح ولغة أهل الجنة , وبهذه اللغة فواتح سور القرآن الكريم [20] .
وأما الشعراني فأدعى عن إبراهيم الدسوقي
أنه كان له إلمام تام بهذه اللغة , فكان يتكلّم بها ويكتب فيها , نقدّم نموذجاً من
هذه اللغة إلى القراء لمعرفة مدى تخريفات القوم وترهاتهم , فينقل الشعراني عنه أنه
كتب إلى بعض مريديه :
" بع السلام وإنني أحب الولد
وباطني خلي من الحقد والحسد ولا بباطني شظا ولا حريق لظى ولا لوى لظى ولا جوى من
مضى ولا مضض غضا ولا نكص نصاً ولا سقط نطاً ولا نطب غظاً ولا عطل حظاً ولا شنب سرى
ولا سلب سباً ولا عتب فجا ولا بدع رضا ولا شطف جوا ولا عنف سرا ولا خمش خبش ولا
حفس عفس ولا خفض خنس ولا حولد كنس ولا عنس كنس ولا عسعس خدس ولا جيقل خندس ولا
سطاريس ولا عيطافيس ولا هطامرش ولا سطامريش ولا شوش اريش ولا ركاش قوش ولا "
هلا دنوس ولا كنبا " سمطلول الروي ولا بوس عكموس ولا فنفاد أفاد ولا قداد
أنكاد ولا بهداد ولا شهداد ولابد من العون وما لنا فعل إلا في الخير والنوال انتهى
وكتب إلى بعض مريديه أيضاً سلام على العرائس المحشورة في ظل وابل الرحمة وبعد فإن
شجرة القلوب إذا هزت فاح منها شذا يغذي الروح فينتشق من لاعنده زكم وله أنوار
وعلوم مختلفة مانعة محجوبة معلومة لا معلومة معروفة لا معروفة غريبة عجيبة سهلة
شظة وتفة طعم ورائحة وسم ميم محل جميل جهد راب ملوب نغط نبوط هوبط سهبط حره واغميط
عمن عسب غلب عرماد علمود على عروس علماص مسرود قدقد فرصم صباع صبع صبوغ نبوب جهمل
جمايد حربوعسس قنبود سماع بناغ مرنوع ختلوف كداف كروب كبنوف شعدا سعندبل ختلولف
ختوف رصص ما من قمن قرقنبود سعي طبوطا طابرطا كما كهرحه جهدبيد نيلودات كهلودات
كلوب فانهم مبرم واقرم منهم وأخبر يهدم سوس سفيوس كلافيد لا تهترعن عتبلا سعد سبح
تزبد ولا تتكوكع زند حدام هدام سكهدل وقد سطرنا لك يا ولدي تحفة سنية ودرة مضية
ربانية صريانية " [21] .
هذا ونعود إلى موضوعنا ونقول : إن الصوفية
قد أوجدوا صيغاً وألفاظاً في أورادهم ووظائفهم لم يعلّمها رسول الله صلى الله عليه
وسلم أصحابه , ولم يدع واحد من السلف الصالح بتلك الكلمات والألفاظ , وزعموا لها
فضائل ومناقب , وفضّلوها على تلاوة القرآن الكريم وعلى التسبيح والتهليل والتحميد
, وحملوا الناس على الإشتعال بترديد كلمات السحر والكهانة والتنجّم على ألسنتهم ,
ثم اختلقوا لها آداباً وتجليات وأحوالاً ودرجات لم يأت بها كتاب الله ولا سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم كما يقول القشيري :
" إذا قبل المريد طريق التصوف يقول
له الأستاذ :
قبلتك لأوصلك إلى طريق الله بقدر ما
أعرف أني لا أبخل عليك بقدرها ما عرفته ثم يعرفه ويوصيه أن لا يسمعه من الأستاذ
ويرى جميع أحواله من الله ويرى التوفيق منه ويقول له : قل : الله الله الله ثم
يوصيه أن يواظب على قول هذا الذكر وأن لايشهد غيره وأن لا يفكر في غيره وإن أشغله
عن هذا الذكر أمر من الأمور فطرح ذلك الأمور وإن كان موت والديه ولا يفعل من
الطاعات إلا الفرائض والسنن وركعتي الضحى وبعد كل وضوء ركعتين فأما سواه من
النوافل وقراءة القرآن فلا يشتغل إلا بهذا الذكر إلى أن يغيب بالذكر عن جميع
ألأشياء بتوفيق الله لقوة إراداته ثم يغيب بالذكر وبين حضور الذكر ثم لا يزال
يرتقي في الذكر يردد مدة طويلة بين غيبة عن الذكر بالذكر وبين حضور الذكر ثم لا
يزال يرتقي في كل غيبة وحضور إلى رتبة أخرى ثم يرد ورود آخر عليه أعلى من هذا
فيفنى العبد عن الذكر وعن هذه الأحوال فإذا رد إلى حال البقاء بعد هذه الغيبة يسلب
عنه لسانه وسمعه وبصره إلا شهادة القلب ولا يمكنه أن يقول باللسان ويقول بالقلب
نطقاً لا علماً ومشاهدة بل كما كان ينطق بلسانه قبله يذكر بقلبه حتى يرد ورود آخر
عليه بعد مدة ما شاء الله أعلى من ذلك من حيث الهيبة فيبدو على العبد من الهيبة
ورود يظن أنه قريب من الحق فيفنى العبد فيه ثم يتردد بين البقاء والفناء وكل مرة
يرد إلى البقاء تزداد عبارات قلبه حتى ينتهي إلى أذكار يجدها مرة قلبه بألسنة
مختلفة وعبارات لم يسمعها قبله ولا خطرت بباله قبله يجد ذلك " الله " في
قلبه حتى يتوهم إن جملة الكون يذكر الله بعبارات مختلفة أحياناً ويصير بحيث لا
يميز بين ذكره الذي يبدو قلبه وذكر الكون من غلبات الذكر عليه فليستمع جميع هذه
الأذكار ثم بعده يرد ورود آخر بحيث لو ذاق هذا الورود غير من سلك هذه الطريقة على
سبيل الوهلة لمات من هيبة الله سبحانه حتى يفنى هذا العبد ولا يبقى منه شيء "
.
ثم يرد إلى حالة البقاء فيسلب عنه أحوال
القلب من الشهادة وغيرها فيبدو له سر الغيب يبقى للعبد شيء وليس إلا الله " [22] .
ويقول :
" إذا تحقق الذاكر في ذكر اللسان
رجع ذكر لسانه إلى ذكر القلب فإذا ذكر القلب يرد عليه في الذكر أحوال يجد من نفسه
بل يسمع من قلبه " الله " سبحانه اسماً وأذكاراً لم يسمعها قط ولا قرأها
في كتاب بعبارات مختلفة والسنة متباينة لم يسمعها ملك ولا آدمي فإن لازم همته ولم
يلتفت ولم يلاحظ هذه الواردات نال المريد الزيادة إلى أن ينتهي إلى ذكر السر وإن
التفت إلى ما يجري عليه من هذه الأحوال ولاحظ هذه التسميات وهذه الأذكار ونظر
إليها واشتغل بها فقد أساء الأدب فيعاقب في الوقت وعقوبته انقطاع المزيد عنه ثم
يعاقب ثانياً إن صبر عليه بأن يرد إلى حال العلم هذه الأحوال ويرد عليه علوم حتى
يظن أنه فتح عليه علوم الأولين والآخرين .
في ابتداء الذكر في الجوارح أن يجد حركة
في جوارحه حتى لا يبقى عليه جزء من لحمه وعظمه إلا يجد فيه حركة واختلاجاً ثم تقوى
تلك الحركات وتلك الاختلاجات .
حتى تصير أصواتاً وكلاماً حتى يسمع من
جميع جوارحه وأجزائه أصواتاً إلا من لسانه فإن اللسان لا ينطق في هذه الأحوال
والعبد ملازم لهمته لأنه يتيقن أنه لولا حظ وطلب علم هذه الأذكار نفى عنها إلى
غيرها وهذا بعد أن وقع الذكر على القلب فأما في حال ذكر اللسان فيكون هذه الحركات
والاختلاجات للجوارح لكن لا بهذه القوة " [23] .
ثم يبيّن الخواطر والأحوال التي ترد على
البعد يسمع العبد أصواتاً أحلى ما يكون , وأحسن ما يكون حتى كأنها ألذ وأطرب وأشهى
من أصوات الأوتار والمزامير والرابط , وكل صوت حلو حسن .
ثم هذا الخاطر من الشيطان يكون بهذه
الحالة , وربما يكون أتمّ حلاوة من هذا الذي من الحق في الصورة [24] .
ومن تلك الآداب " أن يستمدّ عند
شروعه في الذكر بهمة شيخه بأن يشخصه بين عينيه , ويستمدّ من همته ليكون رفيقه في
السير .
ومنها أن يرى استمداده من شيخه هو
استمداده حقيقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه واسطة بينه وبينه . . .
ومنها اختيار الموضع المظلم من خلوة أو
سرداب . . .
ومنها أن يخيل شخص شيخه بين عينيه ما
دام ذاكراً , وهذا عندهم ما آكد الآداب . . . وأجمعوا على أنه يجب على المريد
الجهر بالذكر بقوة تامة وأن ذكر السر والهوينا لا يفيده رقياً [25] .
هذا وإن الله تعالى يقول :
﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا
وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [26] .
ويروي با يزيد الأنصاري الصوفي المشهور
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( أفضل الذكر الذكر الخفي
) [27] .
والشعراني يذكر من جملة آداب الذكر
" محلّة في الذاكر الواعي المختار , أما المسلوب الاختيار فهو ما يرد عليه من
الأسرار , فقد يجري على لسانه الله الله الله الله أو هو هو هو , أو لا لا لا أو
عا عا عا أو آ آ آ أو ه ه ه أو ها ها ها أو صوت بغير حرف أو تخبيط , وأدبه عند ذلك
التسليم للوارد , فإذا أنقضى الوارد فأدبه السكون من غير تقوّل " [28] .
ومن جملتها ما ذكرها أحمد محمود زين
الدين الحسيني حيث كتب :
" ويجب على الذاكر أن يستعد للذكر
استعداده للصلاة , فيجلس جلوس المتأدب المتواضع , والمتذلل الخاشع , جامعا حواسه ,
مسبلاً عينيه كأن على رأسه الطير , ماحياً من قلبه الغير , متابعاً شيخه في حركاته
وسكناته , موافقاً له ولإخوانه في ذكر الجماعة , عاملاً على مساواتهم في أصواتهم
بطريقة موزونة تجمع القلوب حتى كأنهم صوت واحد , والجهر في حقهم أنفع , ولقولبهم
أجمع , وأشد في التأثير , وأعظم في التذكير , لاسيما في القلوب القاسية , وإن من
القلوب ما هو كالحجارة أو أشد قسوة ولا ينكسر إلا بالذكر القوي , أما الكل والخواص
فالأولى لهم الإسرار .
وعليه أن يعمل بكل ما يأمره به شيخه ,
وليعلم أن شيخه كالطبيب فلا يقال له لم وليفهم عبارته وإشارته , وليتمسك بعلمه
وعمله وطريقته , وليراقبه عند كل إرادة وعمل لأن شيخه يطالبه بما أمر الله وينهاه
عن كل مانهاه , فيجب عليه أن يعرض كل أموره على شيخه في القرب والبعد لألا يكون
للشيطان عليه سبيل , ولذلك قيل : من لا شيخ له فشيخه الشيطان .
وليرتبط بشيخه ارتباط الحلقة بسلسلتها
حتى تبدل أو صافه بأوصافه , وأخلاقه بأخلاقه ويفوز بالوراثة التي جازها شيخه بسر
المتابعة , وليتغلغل في مذهبه , قال الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه من لم
يتغلغل في مذهبنا مات مصراً على الكبائر وهو لم يشعر " [29] .
ومنها استيذان الشيخ كما يقول الرافعي :
" لا ينبغي للمريد الذي هو تحت
تربية المرشد أن يشتغل بشيء من الأوراد والأدعية إلاّ إذا أمره به أستاذه " [30] .
وبمناسبة المقام ننقل هنا من الأفلاكي
أنه قال :
" أنه لا يجوز الاستماع إلى كلام
الإمام غير أمامه وإن كان كلاماً واضحاً " [31] .
وأما الدكتور عبد الحليم محمود شيخ
الأزهر سابقاً فيقول :
" ومن آداب الذكر ألا يتلو ورداً
إلا بإذن من شيخه , أو يلقنه إياه , وأن يجلس في الذكر على هيئة المتشهد , متوضئاً
مستقبل القبلة ما أمكن مغمضاً عينيه , وألا يشغل قلبه حال الذكر إلا بالمذكور ,
وأن يراقب صورة شيخه في جميع عباداته , وأن يستمد بقلبه من شيخه وأن يلاحظ أن
استمداده من شيخه هو الاستمداد من النبي صلى الله عليه وسلم , لأن الشيخ الصادق
نائب عنه .
وألا يشرب عقب الذكر مباشرة , ولينتظر
قليلاً في مكانه بعد الذكر الذكر صامتاً مستحضراً لتلقي ما يرد عليه من وارد الذكر
, وليؤد أوراده كاملة في أوقاتها وإلا حرم المدد وينبغي ألا يتقدم أحد للمريدين في
بدء ذكر ولا حزب ولا ورد على من قدمه شيخهم مادام حاضراً " [32] .
ويذكر القشيري في بيان آداب الذكر :
" المبتدئ في الأحوال يجب أن يسكن
حواسه ولا يحرّك جزءاً منه ولا يردد طرفه ولا شيئاً ويكون مراعياً لهمته ولا يحرك
البتة جزءاً من نفسه ولا من بدنه ولا من باطنه – إلى أن قال - : كنت أحياناً في
بدو المجاهدة وأحوال الذكر لو استتر مني من في السماء لكان الستر عليّ أهون من أن
أقوم للأكل وأتحرك للوضوء والفرض لأنه كان يغيب عن الذكر " [33] .
فهذه شعبذات الذكر الصوفي ما يدّعون أن
السيف لا يؤثر في الذاكر الواجد كما يقول القشيري والسهروردي :
" يبلغ العبد إلى حدّ لو ضرب وجهة
بالسيف لم يشعر " .
ومن بعدهم في الذكر ما نقله الشعراني عن
محمد الحنفي أنه كان يأمر أصحابه برفع الصوت بالذكر في الأسواق والشوراع . . .
وكان إذا ركب يذكر الله تعالى بين يديه جماعة كطريقة مشائخ العجم , وكان يجعل من
خلفه جماعة كذلك يذكرون الله تعالى بالنوبة , فكان الناس إذا سمعوا حسهم من
المساجد أو الدور يخرجون ينظرون إليه " .
وأحياناً يذهب الصوفية للذكر إلى مساكن
الحيات والعقارب كما يحكي اليافعي عن حامد الأسود أنه قال :
" كنت مع إبراهيم الخواص رضي الله
تعالى عنه في سفر فجئنا إلى موضع به حيات كثيرة فوضع ركوته وجلس , وجلست , فلما
برد الليل وبرد الهواء خرجت الحيات فصحت بالشيخ , فقال : أذكر الله , فذكرت فرجعت
, ثم عادت فصحت به , فقال مثل ذلك , فلم أزل إلى الصباح في مثل تلك الحالة , فلما
أصبحنا قام ومشى ومشيت معه , فسقطت من وطائه حية عظيمة قد تطوقت , فقلت : ما أحسست
بها ؟
قال : لا , منذ زمان ما بتّ أطيب من
البارحة .
فهذه هي طرق الذكر وكيفيات تلقينه
وآدابه وشروطه وثمراته وبدعه الأخرى التي لا نجد ذكر شيء منها في كتاب الله المنزل
من السماء ولا في سنة أفضل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه , إنها عادات وتقاليد
وسنن تسرّبت من الحضارة الهندية الغريبة على الشريعة الإسلامية إلى الملّة الصوفية
, وقد تلقاها زعماء الصوفية وكبراؤها وتغلغلوا فيها واستنّوا بها معرضين عما أنزل
الله على رسوله صلى الله عليه وسلم , نسأل الله الرشد والهدى ونعوذ بالله من أن
نضِلّ ونُضِلّ والله الهادي إلى سواء السبيل .
[1] شرح الجلجوتية الكبرى لأبي العباس أحمد بن علي البوني ص 110
ط مصطفى البابي الحلبي مصر الطبعة
الأخيرة .
[2] منبع أصول الحكمة للبوني ص
111 ط مصطفى البابي مصر .
[3] الدرة البهية في جوامع
الأسرار الروحانية للشيخ علي بن محمد الطندتائي ص 31 ط
مصطفى البابي الحلبي 1370 هـ .
[4] سورة البقرة الآية 102 .
[5] منبع أصول الحكمة ص 222 ,
223 .
[6] السر الظروف في علم بسط
الحروف للشيخ محمد الشافعي الخلوتي ص 45 ط
مصطفى البابي الحلبي القاهرة 1370هـ .
[7] الجواهر اللماعة لعلي
المرزوقي ص 54 ط مصطفى البابي الطبعة
الأخيرة 1360 هـ .
[8] الفتح الرباني فيما يحتاج
إليه المريد التيجاني لمحمد بن عبد الله بن حسنين ص 65 ط
مصطفى البابي الحلبي مصر .
[9] المجالس الرفاعية لأحمد
الرفاعي المجلس الثاني ص 46 وما بعد ط
مطبعة الإرشاد بغداد .
[10] أنظر الوصية الكبرى لعبد
السلام الأسمر الفيتوري ص 97 ط مكتبة النجاح طرابلس ليبيا .
[11] كتاب الطبقات للجعلي
الفضلي ص 47 ط بيروت .
[12] الفوائد في الصلات
والعوائد ص 32 , 33 ط مصطفى البابي
الحلبي مصر .
[13] كشف المحجوب للهجويري ص
316 , ومثله في الرسالة القشيرية ج 1 ص 55 .
[14] طبقات الشعراني ج 1 ص 81 .
[15] الإبريز للدباغ ص 13 طبعة
قديمة .
[16] أنظر النفحة العلية في
أوراد الشاذلية ص 12 ط مكتبة المتنبي القاهرة .
[17] جامع كرامات الأولياء
للنبهاني ج 2 ص 176 .
[18] نزهة المجالس للصفوري ص 9
ط دار الكتب العلمية بيروت ومكتبة الشرق
الجديد بغداد العراق .
[19] ترصيع الجواهر المكية لعبد
الغني الرافعي ص 16 ط مصر 1301 هـ .
[20] أنظر لذلك الإبريز للدباغ
ص 128 وما بعد .
[21] طبقات الشعراني ج 1 ص 167
.
[22] رسالة ترتيب السلوك
للقشيري ص 65 – 67 من الرسائل القشيرية
ط إسلام آباد ر باكستان .
[23] الرسائل القشيرية ص 68 وما
بعد .
[24] يضا ص 75 .
[25] ترصيع الجواهر المكية لعبد
الغني الرافعي ص 41 , 42 أيضاً الأنوار القدسية للشعراني ج 1 ص 36 , 37 .
[26] سورة الأعراف الآية 205 .
[27] مقصود المؤمنين لبايزيد
الأنصاري ص 330 ط باكستان .
[28] الأنوار القدسية للشعراني
ج 1 ص 39 .
[29] كتاب الاستبصار لأهل
الأذكار لأحمد محمود زين الدين الحسيني ص 87 , 88 ط مطبعة الأنوار القاهرة 1359 هـ
.
[30] ترصيع الجواهر المكية
للرافعي ص 65 .
[31] مناقب العارفين للأفلاكي (
فارسي ) ج 1 ص 271 ط طهران إيران .
[32] أبو الحسن الشاذلي للدكتور
عبد الحليم محمود ص 387 .
[33] رسالة ترتيب السلوك
للقشيري ص 76 , 77 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.