بعضاً
منهم ليستخفّ بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم مثلما نقل السهلجي عن أبي يزيد
البسطامي أنه قال :
"
أراد موسى عليه السلام أن يرى الله تعالى , وأنا ما أردت أن أرى الله , هو أراد أن
يراني " [1]
.
وحكى
العطار وأبو طالب المكي وسبط ابن الجوزي عن بعض أصحاب أبي يزيد أنه قال :
"
كان عندي شاب صغير ملازم للخلوة فقلت له : هل رأيت أبا يزيد ؟ قال : لا . فتركته
أياماً وأعدت عليه القول . قال : لا . فلما أكثرت عليه قال : رأيت الله فأغناني عن
أبي يزيد . قال : فكررت عليه القول وهو لا يزيد على هذا . فغاظني . فقلت : لو رأيت
أبا يزيد مرة كان أنفع لك من رؤية الله سبعين مرة . فقال : قم بنا إليه . فخرجنا
نطلب أبا يزيد . وإذا به قد خرج من النهر وفروته مقلوبة على كتفه . فلما رآه الشاب
صاح ومات . فقلت لأبي يزيد : ما هذا ؟ فإنه ذكر أنه يرى الله وما مات . يراك فيموت
؟ فقال : نعم ! كان يرى الله على قدر حاله . فلما نظر إليّ . رأى الله على قدر
حالي فلم يثبت فمات . قال : ثم داريناه فغسلناه وكفّنّاه وصلى عليه ودفنه وبكى
" [2] .
وحكى
السهلجي والعطار عنه أيضاً أنه جاءه رجل فقرأ عنده :
"
إن بطش ربك لشديد " قال أبو يزيد :
وحياته
إن بطشي أشد من بطشه [3] .
ونقل
روزبهان بقلي شيرازي عن أبي موسى أنه قال :
"
سمع أبو يزيد مؤذناً يقول : الله أكبر , فقال :
"
وأنا أكبر من الله " – عياذاً بالله - [4] .
ويروون
في كتبهم حديثاً موضوعاً حيث يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"
رأيت ربي في سكك المدينة على صورة شابّ أمرد " [5] .
ونقل
العراقي المتوفى 688هـ عن الوراق أنه قال :
"
ليس بيني وبين ربي فرق إلاّ أني تقدّمت بالعبودية " [6] .
ومن
إهانتهم لله سبحانه عز وجل أنهم نقلوا عن البسطامي أنه قال له الحق أخرج إلى خلقي
بصفتي ( وفي رواية بصورتي ) فمن رآك رآني , ومن عظمك عظمني , فلم يسعني إلا امتثال
أمر ربي , فخطوت خطوة إلى نفسي من ربي فغشي عليه , فإذا النداء " ردّوا عليّ
حبيبي فلا صبر له عني " [7] .
ونقلوا
عن بعض المشايخ أنه قال لتلميذه :
"
هل رأيت أبا يزيد " ؟
فقال
التلميذ : رأيت الله فأغناني عن أب يزيد , فقال له العارف :
لأن
ترى أبا يزيد مرة كان خيراً لك من أن ترى الله ألف مرة .
فلما
سمع ذلك منه رحل إليه فقعد مع العارف على طريقة , فعبر أبو يزيد وفروته على كتفه و
فقال العارف للتلميذ :
هذا
أبو يزيد , فنظر إليه فمات من ساعته [8] .
وتجاوز
أبو الحسن الخرقاني جميع الحدود وقال :
"
صارعت الله وصارعني , فغلب عليّ " [9] .
"
لأني أقلّ من ربي سنتين " [10] .
والعجب
كل العجب على الصوفية الذين يسمون هذه الإهانات والهفوات شطحيات المشايخ
ويتأولونها بتأويلات لا يقرّها العقل ولا النقل , ويخترعون لهم أعذارا لا تؤيدها
الشريعة الإسلامية , ويقولون : لا إنكار عليهم في أقوالهم وأفعالهم لأنهم محفوظون
عن الخطأ والزلل [11]
.
فدين
الصوفية دين السخرية والاستهزاء , لا يخافون في ذلك لومة لائم , فنقلوا عن
البسطامي أنه قال :
"
غبت في الجبروت , وخضت بحار الملكوت وحجب اللاهوت حتى وصلت إلى العرش فإذا هو خال
, فألقيت نفسي عليه وقلت :
سيدي
, أين طلبك ؟
فكشفت
, فرأيت أني أنا , فأنا أنا [12] .
وحكوا
عنه أيضاً أنه قال :
"
ضربت خيمتي بإزاء العرش " [13] .
وحكوا
عن الشبلي أنه سئل : متى تستريح ؟
فقال
: إذا لم أر الله ذاكراً [14] .
كما
نقلوا عن الخرقاني حكاية قالوا فيها :
"
نزل صوفي من الهواء يوماً وقال لأبي الحسن الخرقاني :
أنا
جنيد الوقت وشبلي العصر , فقام الخرقاني وضرب بقدمه الأرض وقال :
أنا
أيضاً إله الوقت ورسول العصر " [15] .
وأما
إهانتهم واستخفافهم بخاتم الرسل والأنبياء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيحكي الكمشخانوي عن الشبلي أنه :
"
أذن مرة , فلما أنتهى إلى شهادة النبي عليه السلام قال :
إلهي
, لولا أنك أمرتني ما ذكرت معك غيرك " [16] .
وذكروا
عن أبي يزيد أنه قيل له :
"
أن الخلق كلهم لواء محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة , فقال أبو يزيد :
تالله
, إن لوائي أعظم من لواء محمد عليه السلام , لوائي من نور تحته الجان والأنس كلهم
من النبيين " [17] .
ويكتب
الفيتوري :
"
قال الشيخ أحمد بن عروس لأهل تونس : لولا ما سبق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالشفاعة لشفعت في الأمم يوم القيامة , وكلّ إصبع من أصابعي يشفع في سبعين ألفاً
" [18] .
[1] النور من كلمات أبي طيفور
للسهلجي ص 185 من شطحات الصوفية للدكتور عبد الرحمن بدوي ط وكالة المطبوعات الكويت .
[2] تذكرة الأولياء لفريد
الدين عطار ص 84 ط باكستان , أيضاً مرآة
الزمان لسبط بن الجوزي ص 213 , 214 من شطحات الصوفية للدكتور بدوي , أيضاً قوت
القلوب لأبي طالب المكي ط صادر بيروت .
[3] النور من كلمات أبي طيفور
للسهلجي ص 143 , أيضاً تذكرة الأولياء للعطار 288 , شرح شطحيات لروزبهان بقلي
شيرازي ص 129 ط طهران 1360 هـ .
[4] شرح شطحيات لروزبهان بقلي
شيرازي ( فارسي ) ص 101 ط طهران 1360هـ .
[5] حضرات القدس ( فارسي )
لبدر الدين السرهندي ط وزارة الأوقاف
لاهور 1971 .
[6] لمعات ( فارسي ) لفخر
الدين العراقي ص 102 بتصحيح محمد خواجوي ط
انتشارات مولى إيران 1363هـ .
[7] شرح كلمات الصوفية جمع
وتأليف محمود محمود الغراب ص 156 ط مطبعة زيد بن ثابت القاهرة 1402هـ .
[8] أيضاً ص 151 .
[9] شرح شطحيات لروزبهان بقلي
شيرازي ( فارس ص طهران 1360 هـ ) .
[10] لمعات لفخر الدين العراقي
ص 102 بتصحيح محمد خواجوي ط انتشارات
مولى إيران 1363هـ .
[11] أنظر لذلك كتابنا "
التصوف : المنشأ والمصادر " ص 201 وما بعد .
[12] النور من كلمات أبي طيفور
للسهلجي ص 164 .
[13] شرح شطحيات لروزبهان ص 86
.
[14] شرح كلمات الصوفية لمحمود
الغراب ص 230 .
[15] تذكرة الأولياء لفريد
الدين عطار ص 282 ط باكستان .
[16] جامع الأصول في أولياء
لأحمد الكمشخانوي ط المطبعة الوهبية
1298هـ .
[17] النور من كلمات أبي طيفور
للسهلجي ص 143 , شرح شطحيات لروزبهان ص 132 .
[18] الوصية الكبرى لعبد السلام
الأسمر الفيتوري ص 85 ط مكتبة النجاح
طرابلس ليبيا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.