الأحد، 8 فبراير 2015

استخفافهم بالله والانبياء


بعضاً منهم ليستخفّ بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم مثلما نقل السهلجي عن أبي يزيد البسطامي أنه قال :

" أراد موسى عليه السلام أن يرى الله تعالى , وأنا ما أردت أن أرى الله , هو أراد أن يراني " [1] .

وحكى العطار وأبو طالب المكي وسبط ابن الجوزي عن بعض أصحاب أبي يزيد أنه قال :

" كان عندي شاب صغير ملازم للخلوة فقلت له : هل رأيت أبا يزيد ؟ قال : لا . فتركته أياماً وأعدت عليه القول . قال : لا . فلما أكثرت عليه قال : رأيت الله فأغناني عن أبي يزيد . قال : فكررت عليه القول وهو لا يزيد على هذا . فغاظني . فقلت : لو رأيت أبا يزيد مرة كان أنفع لك من رؤية الله سبعين مرة . فقال : قم بنا إليه . فخرجنا نطلب أبا يزيد . وإذا به قد خرج من النهر وفروته مقلوبة على كتفه . فلما رآه الشاب صاح ومات . فقلت لأبي يزيد : ما هذا ؟ فإنه ذكر أنه يرى الله وما مات . يراك فيموت ؟ فقال : نعم ! كان يرى الله على قدر حاله . فلما نظر إليّ . رأى الله على قدر حالي فلم يثبت فمات . قال : ثم داريناه فغسلناه وكفّنّاه وصلى عليه ودفنه وبكى " [2] .

وحكى السهلجي والعطار عنه أيضاً أنه جاءه رجل فقرأ عنده :

" إن بطش ربك لشديد " قال أبو يزيد :

وحياته إن بطشي أشد من بطشه [3] .

ونقل روزبهان بقلي شيرازي عن أبي موسى أنه قال :

" سمع أبو يزيد مؤذناً يقول : الله أكبر , فقال :

" وأنا أكبر من الله " – عياذاً بالله - [4] .
ويروون في كتبهم حديثاً موضوعاً حيث يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

" رأيت ربي في سكك المدينة على صورة شابّ أمرد " [5] .

ونقل العراقي المتوفى 688هـ عن الوراق أنه قال :

" ليس بيني وبين ربي فرق إلاّ أني تقدّمت بالعبودية " [6] .

ومن إهانتهم لله سبحانه عز وجل أنهم نقلوا عن البسطامي أنه قال له الحق أخرج إلى خلقي بصفتي ( وفي رواية بصورتي ) فمن رآك رآني , ومن عظمك عظمني , فلم يسعني إلا امتثال أمر ربي , فخطوت خطوة إلى نفسي من ربي فغشي عليه , فإذا النداء " ردّوا عليّ حبيبي فلا صبر له عني " [7] .

ونقلوا عن بعض المشايخ أنه قال لتلميذه :

" هل رأيت أبا يزيد " ؟

فقال التلميذ : رأيت الله فأغناني عن أب يزيد , فقال له العارف :

لأن ترى أبا يزيد مرة كان خيراً لك من أن ترى الله ألف مرة .

فلما سمع ذلك منه رحل إليه فقعد مع العارف على طريقة , فعبر أبو يزيد وفروته على كتفه و فقال العارف للتلميذ :

هذا أبو يزيد , فنظر إليه فمات من ساعته [8] .

وتجاوز أبو الحسن الخرقاني جميع الحدود وقال :

" صارعت الله وصارعني , فغلب عليّ " [9] .

" لأني أقلّ من ربي سنتين " [10] .

والعجب كل العجب على الصوفية الذين يسمون هذه الإهانات والهفوات شطحيات المشايخ ويتأولونها بتأويلات لا يقرّها العقل ولا النقل , ويخترعون لهم أعذارا لا تؤيدها الشريعة الإسلامية , ويقولون : لا إنكار عليهم في أقوالهم وأفعالهم لأنهم محفوظون عن الخطأ والزلل [11] .

فدين الصوفية دين السخرية والاستهزاء , لا يخافون في ذلك لومة لائم , فنقلوا عن البسطامي أنه قال :

" غبت في الجبروت , وخضت بحار الملكوت وحجب اللاهوت حتى وصلت إلى العرش فإذا هو خال , فألقيت نفسي عليه وقلت :

سيدي , أين طلبك ؟

فكشفت , فرأيت أني أنا , فأنا أنا [12] .

وحكوا عنه أيضاً أنه قال :

" ضربت خيمتي بإزاء العرش " [13] .

وحكوا عن الشبلي أنه سئل : متى تستريح ؟

فقال : إذا لم أر الله ذاكراً [14] .

كما نقلوا عن الخرقاني حكاية قالوا فيها :

" نزل صوفي من الهواء يوماً وقال لأبي الحسن الخرقاني :

أنا جنيد الوقت وشبلي العصر , فقام الخرقاني وضرب بقدمه الأرض وقال : 

أنا أيضاً إله الوقت ورسول العصر " [15] .

وأما إهانتهم واستخفافهم بخاتم الرسل والأنبياء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحكي الكمشخانوي عن الشبلي أنه :

" أذن مرة , فلما أنتهى إلى شهادة النبي عليه السلام قال :

إلهي , لولا أنك أمرتني ما ذكرت معك غيرك " [16] .

وذكروا عن أبي يزيد أنه قيل له :

" أن الخلق كلهم لواء محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة , فقال أبو يزيد :

تالله , إن لوائي أعظم من لواء محمد عليه السلام , لوائي من نور تحته الجان والأنس كلهم من النبيين " [17] .

ويكتب الفيتوري :

" قال الشيخ أحمد بن عروس لأهل تونس : لولا ما سبق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفاعة لشفعت في الأمم يوم القيامة , وكلّ إصبع من أصابعي يشفع في سبعين ألفاً " [18] .



[1] النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي ص 185 من شطحات الصوفية للدكتور عبد الرحمن بدوي ط  وكالة المطبوعات الكويت .
[2] تذكرة الأولياء لفريد الدين عطار ص 84 ط   باكستان , أيضاً مرآة الزمان لسبط بن الجوزي ص 213 , 214 من شطحات الصوفية للدكتور بدوي , أيضاً قوت القلوب  لأبي طالب المكي ط   صادر بيروت .
[3] النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي ص 143 , أيضاً تذكرة الأولياء للعطار 288 , شرح شطحيات لروزبهان بقلي شيرازي ص 129 ط   طهران 1360 هـ .
[4] شرح شطحيات لروزبهان بقلي شيرازي ( فارسي ) ص 101 ط  طهران 1360هـ .
[5] حضرات القدس ( فارسي ) لبدر الدين السرهندي ط   وزارة الأوقاف لاهور 1971 .
[6] لمعات ( فارسي ) لفخر الدين العراقي ص 102 بتصحيح محمد خواجوي ط  انتشارات مولى إيران 1363هـ .
[7] شرح كلمات الصوفية جمع وتأليف محمود محمود الغراب ص 156 ط مطبعة زيد بن ثابت القاهرة 1402هـ .
[8] أيضاً ص 151 .
[9] شرح شطحيات لروزبهان بقلي شيرازي ( فارس ص  طهران 1360 هـ ) .
[10] لمعات لفخر الدين العراقي ص 102 بتصحيح محمد خواجوي ط   انتشارات مولى إيران 1363هـ .
[11] أنظر لذلك كتابنا " التصوف : المنشأ والمصادر " ص 201 وما بعد .
[12] النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي ص 164 .
[13] شرح شطحيات لروزبهان ص 86 .
[14] شرح كلمات الصوفية لمحمود الغراب ص 230 .
[15] تذكرة الأولياء لفريد الدين عطار ص 282 ط   باكستان .
[16] جامع الأصول في أولياء لأحمد الكمشخانوي ط    المطبعة الوهبية 1298هـ .
[17] النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي ص 143 , شرح شطحيات لروزبهان ص 132 .
[18] الوصية الكبرى لعبد السلام الأسمر الفيتوري ص 85 ط  مكتبة النجاح طرابلس ليبيا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.